لا يكفي أن تكون ناجحاً..!

محمدحجازى الثلاثاء مارس 17, 2009 10:29 pm

إنما يقاس نجاح دولة من الدول..
أو عصر من العصور..
أو حتى فصل من فصول مدرسة في قرية نائية بأطراف جزيرة من جزر أرخبيل مكون من آلاف الجزر..
بعدد الناجحين..

وإنما تقاس أهمية مكان ما بما قدمه للحياة من نجاح في كل الأصعدة..
وليس بنبوغ أحد أجزائه.. وفشل الباقين..
فشلهم في أن يكونوا بموازاته.. وليسوا حتى وراءه..

فلا تقوم الدول وتستمر..
إلا بأن تنجح جميع وزاراتها..
جميعها..

فاستطاعة وزارة الدفاع بمفردها أن تحمي البلاد لا يعني أن البلاد رائعة..
ووزارة الصحة.. ما فائدة نجاحها إذا كان الجميع أصحاء.. بلا أمن..؟
والداخلية.. كيف يمكن أن نستفيد من وجودها إذا كنا آمنين بلا عمل..؟!

ونحن كل ذلك..
كل منا هو كل ذلك..

كل منا يا سادة هو دولة مستقلة..
وزاراتها تعمل الليل بالنهار للتقدم..
ولن تتقدم إلا بنجاح الجميع في أداء أعماله..
هذا النجاح..
الذي ينعكس في أعين مراجعي جميع "الوزارات"..

إننا يا سادة.. مجموعة حياة..
لا نكون ناجحين إلا إذا نجحت كل واحدة من هذه الحيوات في أن تمضي بنجاح.. وليس فقط باستقرار..
والنجاح يعني التقدم.. تقدم لا يتوقف إلا بتوقف أنفاسنا..

نجرم يا سادة في حق أنفسنا أولاً.. وفي حق كل من نحتك بهم ثانياً وثالثاً وأخيراً..
حين نرمي بثقللنا في جانب واحد..
حين نضخ ميزانية "عمرنا" كاملة في وزارة واحدة..
حين نستعذب نجاحاً واحداً.. لنهرب إليه من فشلنا في البقية..

إن نجاحنا في منحىً من مناحي حياتنا.. هو صفارة إنذار..
إنذار يوجهنا لأن نقدم المزيد.. ولكن لبقية المناحي..
لبقية حياتنا.. لبقية "نحن"..

إعتدنا جميعاً أن نفرح بطعم النجاح..
ونبقى في ذات النجاح.. لنستمتع أكثر..
ويمضي العمر.. ونحن نفوت على أنفسنا صنوفاً من المتعة.. في حفلات نجاح أخرى لم تتم..!

ها نحن نراهم كثيراً.. وأنفسنا..
ناجحون في أعمالهم.. فاشلون أسرياً..
أو ناجحون مع أصدقائهم.. راسبون عائلياً..
ناجحون في الجميع.. فاشلون مع ربهم..
ناجحون مع ربهم.. فاشلون إجتماعياً..

كلنا كذلك..
كلنا نجلس في حارة من الحواري أثناء انتقالنا من زاوية لأخرى من زوايا حياتنا..
نجلس لنستريح.. فنغفو..
لنصبح في ذات الزاوية التي نجحنا فيها..

يا سادة..
لنكون حقاً ناجحين..
يجب أن يكون نجاحنا متوازياً..
نجاحٌ يشملنا بكل تفاصيلنا..
بكل أركان حياتنا..

إن النور الذي يكسو أحد أزقة أرواحنا حين نتقدم فيه..
يجب أن ينتشر..
أن يضيء كافة الطرقات التي نسلكها يومياً..
أن يعم سماوات المحيطين بنا جميعهم.. وليس فقط من بلغنا معهم النجاح..

يجب أن نكون عدة ناجحين..
أن يكون كل منا هو شعب كامل من الناجحين..
عبادةً.. وعملاً.. ودراسة.. وبيتاً.. وجيرة.. وصحبة..

ننجح بالتوازي..
لأن في التوالي مغامرة..
مغامرة بزمن قد لا يسعفنا..!